التربية الإعلامية الرقمية

التربية الإعلامية الرقمية

0 المراجعات

التربية الإعلامية الرقمية

مقدمة

   تتعدّد أشكال وسائل الإعلام، فتشمل وسائل الإعلام الإخباريّة، ووسائل الإعلام التقليديّة، لتتعدّاها إلى وسائل الإعلام الرقميّة، وممّا لا اختلاف فيه أنّ جميع الناس على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم يستخدمون واحدة أو أكثر من هذه الوسائل.

    ومن الجدير بالذكر أنّ الإعلام الرقميّ أصبح المسيطر على المجتمع، حيث تمّ تحويل العديد من الصحف المحليّة والعالميّة من صحف ورقيّة إلى صحف إلكترونيّة، بالإضافة إلى اعتماد محطّات التلفاز والمحطّات الإذاعيّة على الإعلام الرقميّ، وكذلك انتشار مواقع التواصل الاجتماعيّ على نطاقٍ واسع.

مفهوم الإعلام الرقميّ

     يطلق على الإعلام الرقميّ مجموعة من المسميّات التي تؤدّي إلى نفس المفهوم، مثل: الإعلام التفاعليّ، وإعلام الوسائط المتعدّدة، والإعلام الشبكيّ الحيّ، والإعلام التشاركيّ، وغيرها من المسميّات، ويعرّف الإعلام الرقميّ على أنّه شكل من أشكال وسائل الإعلام الحديثة، والتي ظهرت مع ظهور الثورة التكنولوجيّة في القرن الحادي والعشرين، حيث يستخدم الإعلام الرقميّ الأجهزة الإلكترونيّة للانتقال والتداول، ويتمّ نقل البيانات عبرها على شكل إشارات ثنائيّة، ومن الأمثلة على هذه الأجهزة: الكيبلات الرقميّة، والأقمار الصناعيّة، وأجهزة الكمبيوتر، والأجهزة المحمولة، ويشيع استخدام الإعلام الرقميّ في البرامج، والوسائط المتعدّدة كالصوت والصورة، ومواقع الويب، ومقاطع الفيديو، وإعلانات الإنترنت. 

أهميّة الإعلام الرقميّ

     يلعب الإعلام الرقميّ دوراً مهمّاً ورئيسيّاً في حياة المجتمعات، وقد يكون دوره إيجابيّاً أو سلبيّاً حسب الطريقة التي يُستخدم فيها، ومن أهمّ الأدوار التي يقوم بها ما يأتي:

   تبادل المعلومات بين الناس بشكلٍ أسرع. المساعدة في ازدهار الأعمال والنشاطات التجاريّة؛ وذلك بسبب توفير المال والوقت والجهد. تسهيل التفاعل والتواصل الاجتماعيّ بين الناس، وذلك بسبب تذليل العقبات التي قد تظهر بسبب الزمان والمسافات. تعزيز التفاهم بين الناس، وتجاوز الحدود بينهم، كالفروقات الاجتماعيّة والاقتصاديّة، واختلاف المستويات الثقافيّة، والتيّارات السياسيّة والدينيّة والأيديولوجيّة. السماح للناس بإيصال أصواتهم في الأزمات والقضايا الإنسانية العالميّة. المساعدة في تعزيز الإنتاجيّة، وتوفير المرونة للعامل وصاحب العمل لإنجاز الأعمال. تسهيل العملية التعليميّة، واكتشاف العقبات التي قد تقف في طريق العلم والتعلّم في المستقبل وتذليلها.

أنواع الإعلام الرقميّ

      تشتمل وسائل الإعلام الرقميّ على أنواع مختلفة من تقنيّات الاتصال، حالها حال الوسائل الإعلاميّة التقليديّة، وفيما يأتي ذكر لهذه الأنواع:

    الصوتيات: حيث يشمل هذا النوع محطّات الراديو الرقميّة، ومدوّنات البودكاست، والمكتبات الصوتيّة التي تحتوي على قاعدة بيانات تحوي الملايين من الأغاني والتي يتمّ الاستماع إليها حسب الطلب.

     الفيديوهات: تشمل الفيديوهات على الوسائط المرئيّة، مثل: خدمات بثّ الأفلام والتلفزة، وأجهزة المحاكاة الجراحيّة للواقع الافتراضيّ، وغيرها، ومن أشهر مزوّدي هذه الخدمات Netflix، و YouTube.  

     وسائل التواصل الاجتماعيّ: وتشتمل على شبكات التواصل المشهورة، مثل: فيسبوك، وتويتر، وإنستجرام، وسناب شات، وغيرها، حيث تتيح الفرصة أمام مستخدميها التفاعل مع بعضهم، وتبادل الثقافات، والخبرات الحياتيّة. الإعلانات المدفوعة: حيث تمّ استخدام الإعلام الرقميّ للاستفادة من مواقع الويب في تسويق المنتجات وبيعها.

     الأخبار والنصوص الأدبيّة: حيث ساهم الإعلام الرقميّ في انتشار المنصّات الإخباريّة الرقميّة، والموسوعات، والمواقع الأدبيّة، مثل: ويكيبيديا.

مهارات التربية الإعلامية الرقمية

1- مهارة التحليل والتقييم Analyze, evaluate

    يجب توافر هذه المهارة وتوخى الحذر فى تصديق ما يقدم من المعلومات قبل تصديقها أو نشرها . وقد يرجع ذلک إلى عدة عوامل منها الظروف الإجتماعية والسياسية التى مر بها المجتمع المصري فى الفترة الأخيرة وما تلاها من فوضى الأفکار والأخبار  مما جعل المتلقى يأخذ کل ما يقدم له بحذر . وقد يرجع إلى الخبرات السلبية السابقة مع بعض الصفحات فى مواقع التواصل الإجتماعى حينما قامت بنشر شائعات أو أخبار کاذبة . وقد يرجع أيضاً إلى الدراسة فى کلية الإعلام وتنمية قدراتهم النقدية فى جميع المقررات التى يدرسونها. ومن هنا يتضح أن  مواقع التواصل الإجتماعى أيضاً بصفحاتها وأخبارها المفبرکة زادت من قدرات الشباب التحليلية والنقدية وهى إحدى المهارات الهامة للتربية الإعلامية الرقمية.

2- مهارة خلق المحتوى Create 

     معظم الشباب يقومون بخلق المحتوى عبر مواقع التواصل الإجتماعى فهناک من يکتفى فقط بنشر بعض المحتويات الهادفة أو الموضوعات الکوميدية أو التحميسية وهناک من يقوم بنشر أفکاره ومعلوماته ويکون هدفه هو نشر الوعى أو إفادة الآخرين أو هدف شخصي مثل الشهرة. وترتبط هذه المهارة بالمهارة التالية لها فى تصنيف Hobbs وهى الإنعکاس أو أو تطبيق المسئولية الاجتماعية Reflect. حيث يجد الشخص نفسه مسئول عن إفادة الآخرين وزيادة وعيهم  وهو ما اتضح من خلال الکشف عن هدف الطلاب من نشر أو خلق المحتويات الإعلامية عبر مواقع التواصل الإجتماعى. ومن هنا فإن مواقع التواصل الإجتماعى أتاحت للشباب القدرة على خلق المحتوى إلا أنها منحت لهم الفرصة لإفادة الغير وإسعادهم  وزادت من مسئوليتهم الإجتماعية تجاه الآخرين 

3- مهارة التصرف أو اتخاذ المبادرات ACT

    وهى المهارة العليا التى يبدأ الشاب فيها بأخذ المبادرات والقيام بأعمال  هدفها النهوض بالمستوى المعرفى للآخرين . وينبع ذلک من  شعوره بالمسئولية الإجتماعية وأهمية دوره فى المجتمع.  وقد تبين من الدراسة اهتمام الکثير من الطلاب بإنشاء صفحات أو مدونات أو إنتاج فيديوهات  وذلک إما بشکل فردى أو بشکل جماعى وذلک لزيادة وعى الناس أو إفادتهم أو إسعادهم. وليس ذلک فقط ولکن تبين وجود رغبات ونوايا لدى بعض الطلاب لأخذ مثل هذه المباردات .

 ومن هنا لابد من الأخذ فى الاعتبار عاملين وهما : 

     شغف الطلاب أنفسهم للقيام بمثل هذه المبادرات بالإضافة إلى دراستهم فى کلية الإعلام والرغبة فى الشهرة أو تطبيق ما يدرسونه. فهناک الکثير من الطلاب الذين يدرسون فى کليات الإعلام وليس لديهم ذلک الشغف النابع من الإحساس بالمسئولية الإجتماعية ، أو هناک من لا يدرس بکليات الإعلام ولکن لديهم شغف کبير لخلق وانتاج محتوى اعلامى متميز. وقد ذکر الطلاب دور مواقع التواصل الإجتماعى فى تعليمهم وافادتهم أثناء انشاء صفحاتهم أو تصوير الفيديوهات أو انشاء المدونات مما يؤکد على دورها فى زيادة توافر هذه المهارة لديهم. ولا يمکن إغفال دور التعليم کأحد الأدوات التى تساعد على تنمية مهارات التربية الإعلامية بشکل عام والتربية الإعلامية الرقمية أيضاً. فالتربية الإعلامية لابد أن تکون استرتيجية  تتبعها جميع المدراس والجامعات فى جميع المقررات الدراسية لخلق جيل واعِ قادر على التکيف مع ظروف المجتمع الحالية.

التربية الاعلامية والاعلام التربوي

    تهدف التربية الإعلامية إلى تدريس طبيعة وسائل الإعلام وليس التدريس باستخدام وسائل الإعلام، بالتالي لا يجب أن نخلط بين التربية الإعلامية وبين تقنية التعليم, فقد عانى مفهوم التربية الاعلامية –وما يزال- من الخلط والتداخل بينه وبين مفهوم الاعلام التربوي والاعلام التعليمي وتركيز التعريفات التقليدية على التعليم بواسطة الاعلام, وغياب ذلك التركيز على المتلقي للاعلام ودوره التفاعلي, فالاعلام التربوي "نمط اعلامي معلوماتي يتم عبر وسائل الاعلام المختلفة ويعطي جل اهتمامه لمجال معين من مجالات المعرفة, يتوجه الى جمهور عام أو خاص مستخدما مختلف فنون الاعلام معتمدا على المعلومات والحقائق والافكار المتخصصة التي يتم عرضها بطريقة موضوعية عن طريق كوادر اعلامية مؤهلة اعلاميا ومتخصصة أكاديمياً", أما التربية الاعلامية لا يمكن حصرها بالمؤسسات التربوية والتعليمية لأن نجاحها يتطلب تكامل الانظمة الرسمية - مدرسة واسرة ومؤسسات اعلامية ومؤسسات مجتمع المدني- والانظمة غير الرسمية في تحقيق اهدافها

التربية الاعلامية والتربية الرقمية

    تعرف التربية الاعلامية بأنها "فهم الجمهور لآلية عمل الاعلام والكيفية التي يؤثر بها على حياتنا, وطريقة استخدامه بصورة حكيمة وايجابية", وهي تشمل القدرة على الوصول الى المعلومات وتحليل الرسائل وتقويمها وبما يجعل الأفراد قادرين على فهم طبيعة وتقنيات وتاثيرات وسائل الاعلام ومحتوياتها, واكتساب مهارات استخدام وسائل الاعلام والاتصال, والقدرة على اختيار مضامينها وتفسير رسائلها وتنمية المهارات الساسية للتساؤل النقدي وتشكيل وعي اعلامي ناقد يكون بمثابة مناعة مضادة لمخاطر وافرازات وسائل الاعلام, أما التربية الاعلامية الرقمية فتعني "مجموعة القواعد التي تحدد المهارات والسلوكيات الخاصة بالتعامل مع التكنولوجيا الحديثة والمطورة، وخلق توأمة ودمج بين القيم التربوية المجتمعية التقليدية والعالم الرقمي لاجل مواكبة المستجدات على الساحة العالمية وايجاد درجة متقدمة من الوعي بها.

مقترحات لزيادة مهارةالتربية الإعلامية الرقمية

   طالب الشباب بزيادة الاهتمام بمهارات الإنتاج الإعلامى الإحترافى بکليتهم وزيادة الاهتمام بمواقع التواصل الاجتماعى کأهم وسيلة من وسائل الإعلام فى الفترة الحالية وذلک من خلال دورات تدريبية إضافية أو من خلال ورش عمل. وبالرغم من أن هذه المقترحات خاصة بطلاب کلية الإعلام إلا أنه من الملاحظ أن هذه الدورات التدريبية يحتاجها کل من له شغف بانتاج المحتوى عبر مواقع التواصل الإجتماعى . فإن الحصول على هذه الدورات التدريبية المنظمة سواء بالجامعات أو المنظمات أو غيرها سيکون لها أکبر الأثر - بالإضافة إلى التعلم الذاتى والتجربة والخطأ والاستفادة من الآخرين- فى إنتاج محتوى إعلامى هام ومتميز.

خاتمة

    تغلغل الاعلام الرقمي في جميع مفاصل حياتنا اليومية حتى أضحى مصدرا اساساً لمعلوماتنا, يصنع أراءنا, ويغدي خيالنا, ويعيد تشكيل واقعنا, فترك –رغم بعض ايجابياته- أثاراً خطيرة على المستويين الفردي والجماعي ليشكل ظاهرة تهدد منظومة القيم والاخلاق السائدة, فضلا عن اثاره المستقبلية وهو ما دفع لضرورة البدء باجراءات لتحصين النشئ وتربيتهم على استثمار وسائل الاتصال الرقمي وتجنب مخاطرها عبر تطوير مهاراتهم ونشر المبادئ التي تقودهم لاكتساب الحس النقدي الايجابي الذي ينأى بهم عن التعاطي السلبي معها, لذا فان التربية الاعلامية الرقمية ليست ترفاً بل هي موضوع ملح وضرورة قصوى في ذوء ما تمر به مجتمعاتنا من تحديات ومخاطر,

 

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
المقالات

4

متابعهم

0

متابعهم

1

مقالات مشابة