
الذكاء الاصطناعي: بين الوعد والتهديد… من أعجوبة العلم إلى كابوس المستقبل

مقدمة صحفية
عام 2025 لم يكن عامًا عاديًا؛ فقد أصبح الذكاء الاصطناعي حديث المجالس والبرلمانات، وسلاحًا بيد الشركات العملاقة، ووسواسًا يطارد الأفراد في حياتهم اليومية. نحن أمام قوة غير مسبوقة، ليست مثل الكهرباء أو الإنترنت، بل أداة قادرة على التفكير والتعلم وصناعة قرارات قد تحدد مصير البشرية. السؤال الحاسم: هل نحن أمام أعظم ثورة في تاريخ الإنسان، أم أننا بصدد صناعة مقصلة جديدة بأيدينا؟
أين نقف الآن؟
الأرقام تكشف الكثير:
أكثر من 40% من الشركات العالمية بدأت تعتمد بشكل أساسي على الذكاء الاصطناعي في الإنتاج والتسويق.
ملايين الوظائف في مجالات الصحافة، البرمجة، وحتى الفنون مهددة بالاختفاء أو التحول.
استخدام تقنيات التزييف العميق (Deepfake) تضاعف ثلاث مرات خلال آخر عامين، ما جعل العالم يدخل مرحلة يصعب فيها التمييز بين الحقيقة والخيال.
في المقابل، لا يمكن إنكار أن الذكاء الاصطناعي أنقذ أرواحًا من خلال التشخيص المبكر للسرطان، وساعد العلماء على تطوير أدوية في وقت قياسي، وساهم في تحسين أنظمة النقل والطاقة. لكن كل هذه المكاسب تأتي محملة بمخاطر قد لا نستطيع السيطرة عليها.

الإنسان أم الآلة؟
الذكاء الاصطناعي لا "يساعد" الإنسان فقط، بل يهدده في جوهر وجوده. في الماضي، كان الإنسان يتميز بالإبداع والتفكير النقدي، لكن الآن الخوارزميات تكتب قصائد، ترسم لوحات، وتؤلف موسيقى تجعلنا نشك: هل نحن فعلًا الكائن الأكثر تفردًا؟
الأخطر أن الاعتماد المتزايد على هذه الأدوات يجعلنا نتخلى تدريجيًا عن مهاراتنا. لماذا أتعلم لغة جديدة إذا كان الذكاء الاصطناعي يترجم في ثانية؟ لماذا أقرأ كتابًا إذا كان بإمكاني أن أطلب ملخصًا دقيقًا بضغطة زر؟ هنا تكمن المعضلة: هل نحن نطور أنفسنا، أم نلغي عقولنا؟

عام 2030 تحت حكم الخوارزميات
عام 2030، الحكومات بدأت تستخدم الذكاء الاصطناعي لاتخاذ القرارات السياسية. الرواتب تُحدد بالخوارزميات، التعليم يعتمد على روبوتات، وحتى المحاكمات القضائية يديرها "قاضٍ إلكتروني" لا يعرف الرحمة ولا الاعتبارات الإنسانية.
في البداية بدا الأمر منظمًا وعادلاً، لكن سرعان ما اكتشف الناس أنهم مجرد أرقام داخل معادلة ضخمة. ماذا لو قررت الخوارزمية أن إنسانًا "غير منتج" لا يستحق العلاج؟ ماذا لو صنّفت شخصًا ما كتهديد لمجرد أن بياناته الرقمية توحي بذلك؟ عندها سنكتشف أن التكنولوجيا التي صنعناها لتحررنا، أصبحت السجن الأكبر في التاريخ.

أي طريق سنختار؟
الذكاء الاصطناعي ليس شرًا مطلقًا ولا خيرًا مطلقًا؛ هو مجرد أداة. لكن الفارق بين أن يكون منقذًا أو مدمرًا يعتمد على طريقة استخدامنا له. إذا تركناه بلا ضوابط، فسنصحو على عالم يحكمه منطق الآلة لا منطق الإنسان. أما إذا تعاملنا معه بوعي وتشريعات صارمة، فقد يكون وسيلتنا لنهضة جديدة تفوق كل ما عرفناه.
التاريخ لم يرحم حضارة صنعت أدواتها ثم عجزت عن السيطرة عليها. فهل سنكون نحن الاستثناء… أم مجرد قصة جديدة تُضاف إلى سجل الانقراضات البشرية؟
