أضرار مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية
أضرار مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية
في زمنٍ أصبحت فيه مواقع التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك"، "إنستغرام"، "تيك توك"، و"تويتر" جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، ينشأ نقاشٌ مستمر حول تأثيراتها النفسية. على الرغم من الفوائد الكثيرة في تيسير التواصل ونشر المعلومات، إلا أن الاستخدام المفرط والغير واعٍ له يحمل آثاراً سلبية خطيرة على الصحة النفسية.
أولاً: المقارنات وتأثيرها على الذات
يُعرض المستخدمون بشكل دائم لصورة مُعدّلة لحياة الآخرين—عطلات فاخرة، أجساد مثالية، إنجازات شخصية متكررة—مما يؤثر على مشاعرهم ويولد لديهم شعوراً بعدم الكفاية. كما أن التلاعب البصري والفلترات (مثل "Instagram Face") تُعمّق هذا التفاوت بين الواقع والمثالي، ما يؤثر على تقدير الذات ويؤدي إلى القلق والاكتئاب، خصوصاً عند المراهقين والفتيات. Healthlineconnectionsoc.comWikipedia
ثانياً: اضطرابات النوم والتشتت الذهني
الاستخدام المستمر في الوقت المتأخر من الليل يعطل إنتاج هرمون الميلاتونين المسئول عن النوم، ويؤدي إلى تأخر النوم وضعف جودته. العزوف عن النوم الجيد يؤدي بدوره إلى تقلبات مزاجية وضعف التركيز
ثالثاً: القلق والاكتئاب
يرتبط الاستخدام الطويل لمواقع التواصل بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب. فالمقارنة المستمرة، السعي وراء التقييم الاجتماعي (الإعجابات والتعليقات)، والمحتوى السلبي يمكن أن يؤدي إلى شعور مستمر بالتوتر والضيق.
رابعاً: الخوف من الفقدان (FOMO) والعزلة
يولد "الخوف من أن تفوّت شيئاً" رغبةً دائمة في متابعة الحياة الرقمية للآخرين، مما يسبب اضطراباً في التركيز. وعلى الرغم من أن وسائل التواصل تربط الناس رقمياً، فإنها في الحقيقة قد تُفقدهم عمق العلاقة الحقيقية، وتزيد الشعور بالوحدة.
خامساً: التنمر الإلكتروني (Cyberbullying)
التمييز والتهجم عبر الإنترنت له آثار مدمرة؛ حيث يتعرض ضحايا التنمر إلى انخفاض في احترام النفس وارتفاع في التفكير الانتحاري في بعض الحالات. لا مهرب من هذا النوع من العنف، الأمر الذي يجعل تأثيره أشد من التنمر التقليدي.
سادساً: الإدمان والدوامة النفسية
تُصمم هذه المنصات بحيث تحفز الدماغ عبر الإشعارات، الإعجابات، والمشاركات—مما يشكل نوعاً من الإدمان الرقمي يشبه إلى حدٍ بعيد إدمان الألعاب أو المخدرات. وهذا محفز للاستمرار في التصفح، حتى لو كان ذلك لا يحقق أي رضا حقيقي.
سابعاً: "الدوومسكرولينغ" وتأثيره المزمن
الانغماس في متابعة الأخبار والمحتوى السلبّي دون توقف يزيد من مستويات القلق، الإحساس بالمأساة، والكآبة، كما يخلق بيئة نفسية مشحونة بالسلبية. TechTargetWikipedia
خلاصة واستنتاجات
مواقع التواصل الاجتماعي ليست شرًا كاملاً، لكنها عندما تُستخدم بدون ضوابط أو نقد داخلي تتحول إلى أرض خصبة للضرر النفسي. المقارنات، السهر، السعي وراء القبول الرقمي، العزلة، والتنمر جميعها عوامل تهدد التوازن النفسي.
توصيات لاحتوائها:
وضع حدود زمنية لاستخدام المنصات، خاصة قبل النوم.
تنقية المحتوى عبر متابعة حسّابات تعزز الواقعية والتنوع.
تفعيل فترات راحة رقمية خاصة خلال اليوم.
تعزيز النشاط الواقعي كالرياضة والتواصل المباشر.
التوعية والمرافقة، خصوصاً للمراهقين، لزيادة وعيهم وتقديرهم لذاتهم.
من خلال الاستخدام الواعي والمتوازن، يمكن تقليل المخاطر والاستفادة من الإيجاب في بناء دعم نفسي أو نقل الفوائد والمعرفة.
