التطور التكنولوجي والتواصل الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي

التطور التكنولوجي والتواصل الافتراضي عبر مواقع التواصل الاجتماعي

0 المراجعات

 بماذا تفكّر الآن؟ ماذا يدور في ذهنك؟ ماهي حالتك الآن؟ ماهي تغريدتك الجديدة، أسئلة افتراضية يطرحها موقع التواصل الاجتماعي تتعقب المتصفّح وتتتبع حاله، ومع التطور التكنولوجي وظهور الجيل الجديد من أجهزة الهواتف المحمولة الأندرويد التي تمتاز بخصائص وميزات عديدة التي تمكّن مستخدميها من الدخول إلى شبكة الانترنت بكل يسر وسهولة، والتواصل مع الأصدقاء الافتراضيين سواء عرفهم المستخدم واقعياً أم اقترحهم عليه هذا الموقع. هذا العالم الافتراضي الذي يجمع شمل سكان الكرة الأرضية وكأنهم في قريةٍ صغيرة ويجعل البعيد قريباً والغريب صديقاً ويُمكّن من تبادل المعلومات والرسائل النصية والمصوّرة وتسجيلات الفيديو.

 ماهي الغاية من إنشاء هذه المواقع؟:

في بداية إنشاء هذه المواقع كان الهدف منها إبقاء اتصال فئة من الطلاب خلال فترة استراحتهم ثم اتسعت دائرتها لتشمل فئات متعددة وشرائح مختلفة من المجتمع وتكون لها أهدافها المتنوعة. 

 إن كان هدفك البحث عن عمل فأنشئ حساباً على Linked in  وإن كان هدفك الإعلان فيمكنك عن طريق موقع الفيس بوك أو تويتر أو غيره ، ويمكنك أن تدعو مجموعة الأصدقاء لعيد ميلادك أو مناسبة ما أو حدث هام.

إن كنتَ مصوراً فيمكنك التواصل عبر فليكر Flickr   لتبادل الخبرات والمعلومات، وحتى إن كان هدفك التسلية فقط فيمكنك ذلك.

 أبرز المحطات التلفزيونية والقنوات الإذاعية وحتى الصحف اليومية لها حساباتها الخاصة على هذه المواقع لتمكّن جمهورها من متابعة أبرز الأخبار وآخر المستجدات العالمية والمحلية وعلى الصعد كافة.

ميزات مواقع التواصل الاجتماعي: 

لعل أهم ميزة تُقدمها هذه المواقع هي المجانية فلا يترتب على من يود الاشتراك أي تبعات مادية، كما أن سهولة الاستخدام مكّنت كل من يملك معرفةً بسيطة باستخدام الهاتف المحمول أو الحاسب من الوصول السريع والتواصل مع من يُحب، كما ألغت هذه المواقع الفوارق الطبقية فبإمكان أي شخص في أي عمر أو تصنيف اجتماعي إنشاء حساب على أيٍّ موقع من هذه المواقع وإضافة الأصدقاء والتواصل معهم  في أي بقعة من بقاع الأرض، كما يمكنه الانضمام لأي مجموعة بحسب الاهتمام أو الاختصاص، ولا يتطلب الدخول إلى هذه المواقع ترك شبكة النت مفتوحة فيكفي ترك رسالة تصل للمستقبل يمكنه فتحها في الوقت الذي يُناسبه.

إيجابيات وسلبيات هذه المواقع:

 بالرغم أن التكنولوجيا الحديثة ساعدت الإنسان كثيراً ولبّت الكثير من احتياجاته لدرجة أصبحت فيه رمزاً للإنسان المتحضّر، إلا أنها سلاح ذو حدين إن لم يكن هناك ضبطٌ لاستخدام هذه المواقع.

لقد قدمت مواقع التواصل الاجتماعي خدماتها في العديد من المجالات التعليمية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فمن الناحية التعليمية تسعى أغلب الدول المتحضّرة اليوم لاستثمار التطور التكنولوجي لمصلحة التعليم الإلكتروني أو التدريب عبر النت فظهور ما يُسمى الجيل الثاني( Web2) وشبكات التواصل الاجتماعي رفع العزلة عن التعليم الإلكتروني ومكّن المدّرب أو المدرس من التواصل مع طلابه، وتواصل الطلاب فيما بينهم لتبادل الأفكار والآراء.

وقد زاد إقبال المؤسسات التعليمية في البلدان المتقدمة على إنشاء صفحات لها على شبكات التواصل الاجتماعي تنشر فيها مصادر معلومات للطلاب ومواد تعليمية فضلاً عن قيام بعض الأساتذة بنشر مقالات ومحاضرات وبحوث علمية مهمة، وقد أثبتت مواقع التواصل الاجتماعي جدارتها في كسب تأييد جمهور عريض للمرشحين في بعض الدول حين استثمروا هذه المواقع في حشد الأصوات، كما أثبتت بعض الدراسات أن اعتماد الحكومات وصُناع القرار على هذه المواقع في الترويج لمنجزاتهم السابقة ومشاريعهم الجديدة، كفيل بحشد الرأي العام  وكسب التأييد.

ولا ننسى فضل هذه المواقع في بعض الحالات الاجتماعية فقد تمكّن رجل من إيجاد ابنته عن طريق موقع الفيس بوك، بعد أكثر من عشرين سنة بحثه عنها ، حين  اطلع صدفة على ملفها الشخصي، كما تمكنت شقيقتين بوسنيتين من اللقاء بعد فراق دام أكثر من 75 عاماً ومنذ الحرب العالمية الثانية، عندما كان نجل إحدى الشقيقتين يقوم بأبحاث حول شجرة العائلة واتصل عبر الفيس بوك بابنة خالته دون أن يعلم أنهما تنتميان إلى نفس العائلة.

من ناحيةٍ أخرى أتاحت هذه المواقع للأفراد فرصة التعبير عن آرائهم وتحقيق ذواتهم،وأسهمت  في خفض حالات الخجل لدى البعض بنسبة 20%، وزادت نسبة الثقة  بالنفس لدى البعض الآخر بنسبة 25%، كما أدت هذه المواقع دوراً  كبيراً في سرعة وصول المعلومات الإخبارية للجمهور المستقبل، أكثر من الوسائل التقليدية المعروفة من إذاعة وتلفزيون أو حتى الصحف ، وقد بينت إحدى الدراسات أن 65% من الصحفيين والمحررين أصبحوا يعتمدون على صفحات الفيس بوك وتويتر للحصول على الأخبار، في حين قلت نسبة الذين يعتمدون على الصحف اليومية في تناقل الأخبار إلى 28.8%.

 مع  كل هذه الإيجابيات توجد آثار سلبية لاستخدام هذه المواقع دون قيد أو شرط 

  فمن الناحية الفيزيولوجية يمكن أن يؤدي الاستخدام المتواصل لهذه الشبكات إلى إرهاق العيون وجفاف ماء العين، بسبب استمرارية النظر إلى الشاشة لساعات متواصلة، كما يؤدي الإدمان على هذه الوسائل إلى تلف المادة البيضاء في الدماغ، وبحسب دراسات فالتلف الحاصل يُماثل التلف الدماغي لدى مدمني الخمر والكوكايين والحشيش، ويمكن أن يُسهم ماتتضمنه هذه الوسائل إلى إضعاف التركيز لدى القارئ ومحو جزئي لما تتضمنه ذاكرة الفرد القديمة وحلول المنشورات أو الصور أو الفيديوهات مكانها سواء أكانت صحيحة أم خاطئة.

وقد بيّنت نتائج دراسات أخرى  أن الاستخدام المتواصل لهذه المواقع يؤدي إلى التقصير في الواجبات الأسرية والاجتماعية فيعكف الفرد بعيداً عن العائلة والأصدقاء الواقعيين.

ولا ننسى أن استخدام هذه المواقع أسهم في دخول معتقدات غريبة عن مجتمعاتنا العربية، وظهور جيل جديد" فيس بوكي" ذو عقلية نمطية شبيهة بما يطرحه هذا الموقع من أفكار وآراء مقدمة بلغة ركيكة مليئة بالأخطاء نتيجة عدم الاستخدام الصحيح للغة العربية الفصحى.

ودفع التواصل عبر هذا العالم الافتراضي المفتوح دون قيد أو شرط، إلى السرقة الفكرية لما ينشره الآخرون، وربما أدى الاستخدام المتواصل لهذه الشبكات إلى حالات نفسية مختلطة نتيجة تأثر الأشخاص بما يُنشر،  مما قد يودي بهم إلى نوبات من الخوف أو الحزن أو الغضب، مع إضاعة  الوقت  وهدر الطاقة الإنسانية، وعدم استثمارها في المعلومة النافعة والمعرفة الحقيقية صاحبة الأثر الأكبر في تنمية المهارات والخبرات لدى أفراد المجتمع.

 إحصائيات وأرقام:

تُشير الإحصائيات العالمية لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أن موقع الفيس بوك هو الأول عالمياً إذ يبلغ عدد مستخدميه 1.483 مليار مستخدم، أما تويتر فجاء في المرتبة الثانية بعدد 982 مليون مستخدم ثم جاء غوغل بعدد 340 مليون مستخدم، وقد أشارت إحصائيات أخرى أن 88% من مستخدمي الانترنت في المنطقة العربية لديهم حساب واحد على الأقل على شبكات التواصل الاجتماعي ويستخدمون الانترنت بشكل يومي.

وعن نسب المواضيع الأكثر شعبية  التي يتابعها الأفراد فجاءت : قضايا المجتمع في المرتبة الأولى بنسبة 43% ثم الموسيقا وأفلام  بنسبة 67%، تلتها  المواضيع السياسية بنسبة34%،                  وأخيراًالمواضيع الدينية بنسبة 14%

أما أكثر المواقع شُهرة في المنطقة العربية جاء الفيس بوك أولاً بلا مُنازع بنسبة 94% ويليه تويتر بنسبة 52% ثم غوغل 46% ثم انستغرام 14% ثم لينكدان 6% وأخيراً سناب تشات بنسبة 5% من المستخدمين.

 ختاماً لقد قدمت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من الخدمات  للأفراد وأتاحت لهم فرصة التواصل وتبادل المعلومات والخبرات، لكن البعض أساء استخدامها لإضاعة الوقت، ونشر المعلومة الخاطئة، فليس كل مايُنشر عبر هذه المواقع صحيح وربما أفضى إلى مشكلات مجتمعية كبيرة، إن لم يتعاون الجميع.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة

المقالات

10

متابعين

11

متابعهم

8

مقالات مشابة