لماذا تستخدم بعض التطبيقات أشرطة تقدم وهمية؟

لماذا تستخدم بعض التطبيقات أشرطة تقدم وهمية؟

0 reviews

وسط فورة حماس للإنتاجية، سددت بعض الفواتير قبل موعدها. ولما وجدت الأمر أكثر تعقيدًا قليلاً من المعتاد، قررت استخدام التطبيق الالكتروني لدفع الفواتير والتأكد من كوني أُبلي بلاءً حسنًا!
وطيلة فترة استخدامي للتطبيق، طمأنني الأخير- مرارًا وتكرارًا- أنه ساعدني في تحديد كل حسم "على الفاتورة" محتمل أتأهل له، وتأكد من أنني لم أرتكب أي أخطاء. "اكتملت" أشرطة التقدم المتحركة الجذّابة أكثر من مرة أثناء العملية.

image about لماذا تستخدم بعض التطبيقات أشرطة تقدم وهمية؟

وبينما كنت اتأملها، تساءلت عما إذا كان ما أراه يعكس في الواقع تقدم مهمة حقيقية يتم التعامل معها في الخلفية. هل استغرقت حقًا هذا الوقت الطويل "للنظر في كل التفاصيل" الخاصة بفواتيري (وهو ما قالت الصفحة إنها تفعله)؟

طلبت من أحد أصدقائي المبرمجين معرفة ما يجري في الخلفية، وقد ساعدتني معرفتي البسيطة بالبرمجة على طرح السؤال المناسب: التحقق من كود المصدر "Source code" للتطبيق؛ هل تتواصل "أشرطة التقدم" مع خوادم الموقع على الإطلاق؟
وكمَ كانت صدمتي كبيرة حين جاءت الإجابة بالنفي! ما حيث يرى كل مستخدم نفس الأشرطة، والتي تستغرق دائمًا نفس الوقت للاكتمال.

 

التضليل .. الإيجابي

أو لماذا تختلق الشركات أوقات انتظار مصطنعة؟

هذا ما دعاه إيتان أدار (Eytan Adar)، أستاذ المعلومات وعلوم الكمبيوتر في جامعة ميشيغان: "التضليل الإيجابي/الخيّر". وذلك ضمن ورقة بحثية نشرها عام 2013 بالتعاون مع اثنين من باحثي مايكروسوفت، ويقصد بالمصطلح المذكور:

مجموعة واسعة من قرارات التصميم التي تخدع مستخدميها، لكنها في النهاية تجعلهم في أفضل حالًا.

يمكن أن تخفي عمليات التضليل الإيجابي عدم اليقين (مثل عندما تحمّل نتفلكس -تلقائيًا- توصيات افتراضية عند ضعف اتصال الانترنت؛ الذي يحرمها من تحميل توصيات مخصصةأو عثرات النظام لتسهيل تجربة المستخدم (مثل اكتمال شريط التقدم بمعدل ثابت، حتى لو العملية -بحد ذاتها- متعثرة!)، أو تساعد المستخدمين في التعود على تقنية جديدة (مثل تجمّد الصورة في سكايب Skype أثناء اللحظات الهادئة في محادثة لإقناع المستخدمين بأن المكالمة لم تنقطع).

 

مزايا التضليل الإيجابي

لكلمة "تضليل" دلالة سلبية، والكذب على المستخدمين أمر مستهجن بشكل عام. لكن يراها (أدار) -في الواقع- أداة مفيدة إذا اُستخدمت على النحو الصحيح، وهو يجزم من كون مصممي التطبيقات يخدعون مستخدميها لسنوات، حتى لو فضلوا عدم التفكير في الأمر بهذه الطريقة.

الغريب في حالة تطبيق دفع الفواتير عبر الانترنت (التطبيق الذي ذكرته في بداية المقالة) أنه خروج عن معظم الممارسات المُضللة التي درسها (أدار): فعوض التستر على تباطؤ النظام، فإنه يفضحه. وأظنه يهدف إلى بناء ثقة العملاء في المنتج الذي عهدوا إليه بكل معلوماتهم البنكية.

غالبًا ما تنطوي عملية دفع الفواتير على مستوى توتر وقلق لا يُستهان بهما. ولطرد هذه المشاعر، تُستخدم مجموعة متنوعة من عناصر التصميم لضمان راحة البال للعملاء من أن حسابات الشركة دقيقة وأنهم يحصلون على جميع الفواتير المُستحق دفعه بالضبط.

اتخذ (أدار) قرارًا مشابهًا في لعبة صممها كتجربة منذ ما يقرب من عقدين. تُوجت اللعبة، التي تضمنت شخصين يتفاوضان على سعر على حاسوبين منفصلين، بخطوة معقدة: تشفير عروض كل من المشَاركين، ونقلها لاسلكيًا، ومقارنتها، وسيُظهر برنامج ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق أم لا.

رغم تعقيدها، كانت هذه الخطوة شبه فورية في أول تجربة. لكن السرعة أربكت الناس. قال آدار:

جاء رد فعلهم: "واو، أهذا هو؟.. يا للسُخف!"

لذا، ابتكر تعديلًا للنسخة الثانية من التجربة: بدلاً من ظهور النتيجة الفوري، ظهر -ضمن الخطوة الأخيرة- رسمُ متحركُ على الشاشة على شكل علامات نجمية "asterisks"

image about لماذا تستخدم بعض التطبيقات أشرطة تقدم وهمية؟

 

 

بدت "المسرحية الأمنية" مُقنعة. قال أدار: "بدا أن فرحتهم تزداد وربما تزداد ثقتهم أيضًا". (كان الاختلاف غير مؤكدٍ؛ ولم يختبر الباحثون ردود أفعال المشاركين رسميًا.)

ورغم أن المصممين لا يحبذون الحديث عنها فبناء (فترات الانتظار المُصطنعة) ممارسة شائعة. ففي العام الماضي، اكتشف "مارك ويلسون Mark Wilson" من شركة Fast Company استخدام (فيسبوك) ذات الحيلة على صفحة اسئلة الأمان. إضافة لأمثلة أخرى أيضًا:

  • تطبيق (الموافقة على القروض) الذي يخلق ترقبًا قبل تقديم النتائج لتجنب إثارة الشكوك لدى العملاء
  • موقع يقدّم توصيات خطط الاشتراك الذي يعتمد إبطاء وقت الاستجابة لإقناع المستخدمين بأنهم يحصلون عليها بالفعل نتائج مخصصة.
image about لماذا تستخدم بعض التطبيقات أشرطة تقدم وهمية؟

 

وهم العمل

استشهد ويلسون بورقة بحث أُجري عام 2011 لأستاذين من جامعة هارفارد درسوا هذا التأثير -والذي أطلقوا عليه اسم "وهم العمل Labor illusion"- بالتفصيل.
حيث وجدا أن مواقع الويب التي جعلت عملياتهم تبدو سهلة كانت في الواقع أقل إرضاءً للمستهلكين. ولخّصا الفكرة قائَلين:

"عندما تُبدي مواقع الويب شفافية تشغيلية من خلال الإشارة إلى أنها تبذل جهدًا، يمكن للأشخاص -في الواقع- تفضيل مواقع الويب ذات فترات الانتظار الطويلة على تلك التي تعرض نتائج فورية؛ حتى عندما تكون هذه النتائج متطابقة."

 

حين يتحول التضليل الإيجابي إلى سلبي!

سُئل (أدار) إذا كانت هناك نقطة ينتقل فيها الخداع من الخير إلى الشر. فحدد ثلاث قواعد أساسية للتضليل الإيجابي:

  • أن يُفضّل المصممين الحلول غير الخادعة للمشكلات
  • أن تؤدي (الخدعة) إلى تحسين المنتج بشكل ملموس
  • أن يُفضّل المستخدم -إذا طُلب منه ذلك- الحل "المخادع". (علمًا أنه لن تتاح لمعظم المصممين فرصة سؤال المستخدمين عما إذا كانوا يريدون أن يُخدعوا أم لا، لذلك يتعين عليهم -يقصد المصممين- اختبار ذلك بأنفسهم)

لكن التضليل الإيجابي الذي يعود بالنفع على المستخدم ليس بالضرورة أن يعيق المصمم. في الواقع، كما يقول أدار، عادة ما يفيد الخداع الجيد جميع المعنيين: يستمر [المستخدمون الأكثر سعادة] في العودة لاستخدام -وربما يدفعون مقابل- خدمة جيدة التصميم [وهذا يعني دخلًا أعلى لمصممي التطبيقات].

comments ( 0 )
please login to be able to comment
article by

articles

12

followers

6

followings

0

similar articles