تغير وجه الحياة مع ظهور وسائل التواص الاجتماعي، التي غزت العقول قبل ان تغزو الهواتف فصارت جزءً لا يتجز من الإنسان المعاصرimage about وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في حياة الأفراد والمجتمعات

   في عصرنا الحديث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة الإنسان اليومية، بل تحوّلت إلى وسيلة أساسية للتعبير عن الذات والتفاعل مع الآخرين. ومن أبرز هذه الوسائل تطبيق “تيك توك” الذي انتشر انتشارًا واسعًا بين مختلف الفئات العمرية، حتى أصبح ظاهرة عالمية لا يمكن تجاهلها. لقد غيّرت هذه المنصات مفهوم التواصل والإعلام، وأثرت بعمق في ثقافة الأفراد وسلوكهم وطريقة تفكيرهم.

   لقد كان الهدف الأساسي من إنشاء وسائل التواصل هو تسهيل التواصل بين الناس، وتقريب المسافات، ونشر المعرفة والمعلومات بسرعة وسهولة. فاليوم يمكن لأي شخص أن يشارك أفكاره وآراءه مع الملايين بضغطة زر واحدة، وأن يتابع الأحداث لحظة بلحظة من أي مكان في العالم. ومن ناحية أخرى، أتاحت هذه الوسائل فرصًا جديدة للعمل والتسويق وصناعة المحتوى، فظهرت فئة من الأشخاص يُعرفون باسم "صنّاع المحتوى" الذين استطاعوا أن يحولوا مواهبهم إلى مصدر رزق وشهرة.

image about وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في حياة الأفراد والمجتمعات

   تطبيق “تيك توك” على سبيل المثال، قدّم منصة تتيح للمستخدمين التعبير عن أنفسهم بطريقة مبتكرة وسريعة من خلال مقاطع الفيديو القصيرة. وقد جذب هذا الأسلوب البسيط والممتع الملايين من المستخدمين، خصوصًا الشباب، لما يحتويه من تنوع في المحتوى بين التعليم والترفيه والفن والكوميديا. كما أسهم في اكتشاف العديد من المواهب التي لم تكن لتحظى بفرصة الظهور لولا هذه المنصة.

  لكن في المقابل، لا يمكن إغفال الجوانب السلبية لهذه الوسائل. فالإفراط في استخدامها يؤدي إلى الإدمان الرقمي، وضياع الوقت على حساب الدراسة أو العمل، إضافةً إلى التأثير النفسي الناتج عن المقارنة الدائمة بالآخرين والشعور بالنقص أو القلق. كما أن انتشار الأخبار الكاذبة والمحتوى غير الهادف يمثل خطرًا على وعي المستخدمين، خاصةً فئة المراهقين التي تتأثر بسهولة بما تراه. لذلك فإن الاستخدام الواعي لتلك المنصات أصبح ضرورة لا يمكن تجاهلها، إذ يجب على كل مستخدم أن يكون مسؤولًا عن ما ينشره وما يتلقاه.

image about وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في حياة الأفراد والمجتمعات

  ومن الجوانب المهمة أيضًا أن وسائل التواصل أصبحت تعكس ثقافة المجتمعات وسلوك أبنائها، فهي مرآة تُظهر ما يدور في عقول الناس وما يشغلهم من قضايا وأفكار. ومن هنا تبرز مسؤولية المستخدم في تقديم صورة إيجابية عن نفسه وعن مجتمعه، وذلك من خلال نشر محتوى نافع ومحترم يعكس قيم الاحترام والتعاون. فكل منشور أو مقطع قد يكون له تأثير أكبر مما نتخيل، وقد يصبح مصدر إلهام أو قدوة لغيره من المستخدمين.

 في النهاية، يمكن القول إن وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين؛ فهي من جهة وسيلة رائعة للتعلم والتعبير والتواصل، ومن جهة أخرى قد تكون سببًا في ضياع الوقت وتراجع القيم إن لم تُستخدم بحكمة. إن الوعي هو المفتاح الحقيقي للاستفادة من هذه الوسائل، واستخدامها بما يخدم الفرد والمجتمع. فالتوازن بين الواقع الافتراضي والواقع الحقيقي هو ما يجعل الإنسان يعيش حياة متكاملة، تجمع بين التطور التكنولوجي والحضور الإنساني الأصيل.