قصة فيكتور | سفير الاركين

قصة فيكتور | سفير الاركين

1 المراجعات

ولد فقيرًا، عاش مريضًا، مات وحيدًا. طيّبًا كان أم شريرًا؟ هذه حكمها لكم. ولكن مهلاً، هل مات حقًا؟ أم ماذا حدث؟ هذا ما سنعرفه معًا. فلنبدأ في سرد الحكاية.

وُلد فيكتور لعائلة فقيرة في عشوائيات زوان، وهذه المعلومة تؤكد لنا أن فيكتور عرف الشقاء منذ ولادته. تلوث المدينة السفلية "زوان" أصاب فيكتور بكل من العرج ومرض نادر حكم على حياته أن تكون قصيرة قبل أن تبدأ حتى، وكان العرج على وجه الخصوص سببًا رئيسيًا في جعله منبوذًا ممن حوله. فكان سائر الأطفال يتجنبونه، ولم يكن له أصدقاء قط. وعلى الرغم من كل هذه التحديات والعوائق الجسدية، إلا أن عقل فيكتور نما وتطور بشكل لا حدود له، بل كانت عبقريته المصدر الوحيد للصداقة الوحيدة في طفولته.

حيث إنه تحدث مرة مع أحد زملاء البروفيسور كريستوبال ليميير، وهو أستاذ من جامعة بيلتوفر، عن لحظة فارقة في شبابه حكى فيها أنه كان يلعب بقاربه الصغير الذي صنعه عند مصبّ المجاري قرب المستنقع. وعلى ما يبدو أن في هذه الأنحاء المعزولة حتى عن عشوائيات زوان، قد قابل طبيبًا مذمومًا منبوذًا وُصم بالعار بسبب اختباراته وأسلوبه المتطرف فيها التي كان يفعلها، كما قال، "في سبيل العلم". وعلى ما يبدو أن هذه الفترة وتواصله مع هذا الطبيب المنبوذ قد أعطيا فيكتور درسًا باكرًا في أن للتطور حدودًا. وعلى ما يبدو أن هذا الدرس الباكر قد أفاد فيكتور للغاية حين لاق إعجاب البروفيسور الشهير سيسيل بي هايمردنجر. وقد أشرف هايمردنجر شخصيًا على نقل فيكتور إلى الأكاديمية ليحصل على تعليم كامل وليعمل مساعدًا عنده.

أخيرًا أصبح لفيكتور منزل يحتويه وينمي فيه عبقريته. وبعد فترة، عندما كشف حادث مختبر كريستوبال ليميير عن تجارب غير مصرح بها على إحدى ممتلكات الأكاديمية، أرسل هايمردنجر فيكتور ليشرف على إزالة أي عنصر خطير. ولكن بدلًا من الخطر وجد فيكتور شيئًا أثار اهتمامه: صفحات كُتبت بخط اليد تتحدث عن طموح محموم للسيطرة على قوة السحر باستخدام العلم.

ومن هنا اشتعلت نيران الصداقة الحميمة بين جايس تاليس، المخترع الجامح، وبطلنا فيكتور، وأصبحت أهدافهما رؤية مشتركة حكمت بأن تغير العالم إلى الأبد. وقد أثمرت جهودهما بأن صنعا "الهكستك"، وهي تكنولوجيا ثورية بشكل غير مسبوق لدرجة أنها أطلقت العنان لبيلتوفر ودَفَعتها إلى عصر جديد من العجائب. وبذلك لم يعد فيكتور وجايس مجرد زملاء عمل في مجال الابتكار والاختراع… لا… بل أصبحا كالإخوة يجمعهما كل شيء عدا صلة الدم. ولكن مرض فيكتور تفاقم، مما جعله يقترح فكرة ظن أن شفاؤه فيها محتمل، وهي مصفوفة طلسمية تكيفية اسمها "مركزية الهكس"، ولكننا سنسميها تسهيلًا "الهكسكور". ومن قدرتها الظاهرية على تطوير تكوينها الخاص، كان يأمل فيكتور أن تتمكن من شفائه، لكنه لم يقابل إلا بالفشل.

أن تقوم بالتجارب على نفسك لهو أمر محفوف بالمخاطر، بل هو دائمًا كذلك. وكان فيكتور يعلم جيدًا أنه إن فعل هذا فقد يكلفه مكانته المرموقة في الوسط الأكاديمي بل وقد يخسر أحبّته. وعلى الرغم من كل ذلك، كان فيكتور مؤمنًا بصديقه جايس وكان يتمنى أن يكون استثناءً لهذه القاعدة. لكن، كما يقولون، تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. وحين وضحت أحكام جايس المسبقة العنصرية ضد المدينة السفلية وضد سكانها، بدأ فيكتور يظن أن ثقته بصديقه ربما لم تكن في محلها، وأن صداقتهما القوية ربما بدأت تضعف. مما جعله يعمل على خططه سرًا، وبدأ بإجراء التجارب بمفرده مرة تلو الأخرى حتى حدثت الفاجعة وفقد فيكتور السيطرة على الهكسكور.

كانت هناك خسائر في الأرواح نجمت عن هذه الفاجعة، وأهمها مساعدته ساد. لكن المؤكد أن صحة فيكتور العقلية تأثرت بشدة من بعدها، لدرجة أنه حاول تدمير الهكسكور، لكنه لم يستطع ذلك بمفرده. وعلى الرغم من أن جايس وفيكتور قد حاولا وبذلا قصارى جهدهما ليجعلا اختراعاتهما وسيلة لتحسين حياة الناس، إلا أن كليهما قد فشل في ذلك. وعلى عكس جايس الذي أراد أن يتراجع خطوة إلى الوراء، كان فيكتور مصممًا على المضي قدمًا بهدف التعويض عن الخسارة والإصلاح. لكن أي خطط كان قد صاغها في هذا الصدد توقفت بسبب الهجوم الإرهابي الذي ضرب مجلس بيلتوفر. هذا الهجوم تسبب فعليًا في إصابات خطيرة لفيكتور كادت أن تودي بحياته.

كان فيكتور سيلقى حتفه لولا التفكير السريع والتدخل الحاسم من صديقه جايس، الذي لجأ للهكسكور محاولًا إنقاذه. استطاع الهكسكور أن يشفي جروح فيكتور بدرجة أذهلت وأربكت بعض أعظم العقول في عالم رونتيرا بأسره، لكن مما لا شك فيه أن الذي خرج من الهكسكور لم يعد فيكتور بعد الآن… لقد تغير. فهو مقارنة بنفسه قبل دخوله الهكسكور أصبح كالمقارنة بين العجلة والهكسكور بكل تعقيداتها وتكنولوجيتها. لم يجد فيكتور لصديقه جايس في قلبه سوى بعض الامتنان، مما جعله يقرر أن مكانه لم يعد في بيلتوفر، وأنه سيعود إلى زوان.

حين عاد فيكتور، وأثناء سيره وحيدًا بين المنكسرين والمنسيين من سكان هذه المدينة المسمومة، وجد لنفسه هدفًا جديدًا. فقد اكتشف أن لمسته تشفي المعذبين الذين يعيشون في شقاء المرض في زوان. ولكن مع هذا الشفاء كان يزيل بعضًا من مشاعرهم. ومع ذلك، كان آخر همّ المنكسرين والمعذبين في زوان أن يخسروا جزءًا من مشاعرهم. وانتشر الخبر في زوان بسرعة البرق: "هناك معالج عنده الدواء". وكثر الذين يحتاجون العلاج في زوان. وسرعان ما أصبح المعالج منقذًا يجذب حوله أكثر الحالات إثارة للشفقة واليأس. وكل من يجد الشفاء عنده يودّ لو يبقى، واحدًا تلو الآخر، شفاءً بعد شفاء، حتى تحولت هذه المنطقة إلى مجتمع كامل، قلبه النابض فيكتور.

بقي الحال على ذلك حتى هجمت حامية نوكسس بقيادة الجنرال أمبيسا ميداردا في هجمة تسببت في جعل فيكتور عاجزًا جسديًا للمرة الثانية في حياته. لكن هذه المرة تغير كل شيء بالنسبة لفيكتور، لأنه رأى العالم قبيحًا لا يغيره شيء. فتساءل: كيف يمكنه أن يغير هذا العالم؟ كيف يمكنه أن يشفيه حقًا؟ اكتشف فيكتور أن الإجابة قد تكون في قدرته على نزع المشاعر. وقرر أن الحل ليس في مساعدة الناس أو شفائهم من الأمراض، بل في جمعهم. وأن هذا هو الارتقاء الحق، وهذا هو التطور العظيم. وبمساعدة ذلك الطبيب المنبوذ الذي اتضح أنه يعمل مع حامية نوكسس، خرج فيكتور إلى العالم للمرة الثالثة جديدًا، خاليًا من كل شيء: من الحب، والكره، من السعادة، والحزن، من الخوف، والمرارة… لا شيء إلا الهدف. والهدف هو التطور العظيم.

نهض فيكتور ميكانيكيًا سفيرًا للآركين في هذا العصر الجديد. وكل من كانوا متعافين بقربه وجدوا أنفسهم منزوعي الإرادة، لا يزيدون شيئًا عن الدمى. ورغم أن فيكتور لطالما كان ذكيًا، إلا أن هدفه أصبح الآن أوضح من أي وقت مضى. أراد أن ينقذ البشرية من نفسها بتفعيل "التطور العظيم" في جميع أنحاء رونتيرا. ويقال إن فيكتور وجايس ماتا جراء الحادث حول بوابات الهكس، والبعض يقول إنهما اختفيا، ولا دليل أو جثث تثبت موتهما.

وتذكروا دائمًا أن للقصة بقية.

التعليقات ( 0 )
الرجاء تسجيل الدخول لتتمكن من التعليق
مقال بواسطة
Khaled khaled
حقق

$0.15

هذا الإسبوع
المقالات

8

متابعهم

1

متابعهم

9

مقالات مشابة