
(ليه التكنولوجيا قرّبتنا من بعض وفي نفس الوقت بعّدتنا أكتر)..؟
### ليه التكنولوجيا قرّبتنا من بعض وفي نفس الوقت بعّدتنا أكتر؟
في لحظة من اللحظات، كنا بنتمنى لو نقدر نكلم حد عزيز علينا في بلد تانية، نشوفه ونطمن عليه، نحكيله عن يومنا، أو نشاركه فرحتنا أو تعبنا. وفعلاً، التكنولوجيا خلت ده ممكن… بل وسهل جدًا.
بقى عندنا تطبيقات بتوصّلنا ببعض في ثواني. مكالمات فيديو، شات، صور، رسائل صوتية… وأحيانًا حتى مكالمات وهم نايمن!
لكن المفارقة العجيبة، إن مع كل ده، بقينا نحس إن المسافات بينا **زادت**، مش قلت.
السؤال اللي محتاجين نجاوب عليه بصدق:
**هل فعلاً التكنولوجيا قرّبتنا من بعض… ولا بس خلّتنا نحس كده؟**
---
### الصورة مش دايمًا كاملة… ولا حقيقية
في كل بوست بنشوفه، وكل قصة بنقراها على إنستجرام أو فيسبوك، بنحس إن الناس كلها عايشة حياة "مثالية". ضحك، سفر، حب، نجاح.
لكن دي مجرد لحظات منتقاة بعناية. اللحظات الصعبة مش بتتصور، والمشاعر الحقيقية ساعات بتتخبى ورا فلاتر وإيموجيز.
وللأسف، ده خلق جدار غير مرئي بيننا وبين بعض. بقينا نقارن حياتنا الواقعية – بتفاصيلها العادية أو حتى المؤلمة – بنسخ محسّنة من حياة ناس تانية.
وده، بدل ما يخلّينا نحس بالتقارب، خلانا نحس بالوحدة… والاغتراب.
---
### لما التواصل يبقى "رقمي" بس…
التكنولوجيا عملت حاجة غريبة: قربت المسافات الجغرافية، لكن بعّدت المسافات النفسية.
يعني ممكن تلاقي اتنين بيكلموا بعض يوميًا على واتساب، بس مش عارفين عن بعض أي حاجة حقيقية.
في نفس الوقت، ممكن شخص يكون جنبك في البيت، لكن مفيش بينكم حوار بقاله شهور.
ليه؟ لأن "التواصل الرقمي" ساعات بيخلق وهم القرب. بنطمن إننا بعتنا "إزايك؟" أو عملنا ريأكت على صورة، فبنحس إننا كده بنشارك… بس الحقيقة إن ده مايكفيش.
البشر محتاجين صوت، ونبرة، ولمسة، وضحكة مش متسجلة، ونظرة عنيها تقول أكتر من ألف كلمة.
---
### التكنولوجيا... سلاح له حدّين
خليني أكون صريح: التكنولوجيا مش "شريرة".
بالعكس، هي نعمة كبيرة. بفضلها ناس اتقابلوا، اتعلموا، لقوا شغل، لقوا حب. في أمهات بيطمنوا على ولادهم في الغربة، وفي أصحاب فضلوا على تواصل رغم المسافات.
لكن، **الاعتماد الزايد عنها**، وتحويلها لـ"بديل" عن التواصل الحقيقي، هو اللي عمل المشكلة.
بقيت المشاعر تتقاس بالـ"دوبامين" اللي بييجي من لايكات، والاهتمام يُختصر في ستوري بتتشاف، مش كلمة بتتقال من القلب.
---
### طب إيه اللي حصل؟ وليه كده؟
في رأي علماء النفس والاجتماع، فيه ٣ أسباب رئيسية للبعد اللي حصل رغم "التواصل الدائم":
1. **سهولة التواصل خلتنا نكسل:** زمان كنا نستنى الرسالة بفارغ الصبر. النهاردة بنفتكر الناس لما نشوف ستوري ليهم. بقى فيه نوع من الاتكالية، وكأن العلاقات بقت أوتوماتيك.
2. **تشبع رقمي، وفراغ عاطفي:** لما تفضل عينيك على الشاشة طول اليوم، بتبقى شبعان "معلومات"، لكن جعان "اهتمام" حقيقي.
3. **الخوف من المواجهة:** الرسائل أسهل من الكلام. والسوشيال ميديا أسهل من العلاقات الحقيقية اللي فيها جهد، وسماع، واحتواء.
---
### محتاجين نرجع "نحس" ببعض
العلاقات مش بتتبني على عدد الرسائل، ولا عدد المتابعين.
العلاقات بتتبني لما تبص لحد وتحس إنك شايفه… بجد. لما تسمعه وهو بيحكي، حتى لو كلامه مش مترتب. لما تحس بتعبه، أو تحس بفرحته من غير ما يقول حاجة.
الموضوع مش في عدد الدقايق اللي قضيتوها مع بعض، لكن في **النية** اللي وراها.
هل كنت حاضر؟ مركز؟ مهتم؟
ولا كنت ماسك موبايلك ومستني اللحظة اللي ترجع فيها للسكرول؟
---
### خطوات بسيطة… بس تأثيرها عميق
عشان نرجع نقرب بجد، لازم نكون واعيين ونويين:
* **حدد وقت من غير تكنولوجيا:** مثلاً وقت الغدا، أو قبل النوم. كلم اللي جنبك بدل ما تبعتله ميم.
* **المكالمات رجعت موضة:** صدقني، المكالمة اللي بتاخد ٥ دقايق تفرق أكتر من ٥٠ رسالة.
* **قول اللي في قلبك بوضوح:** بلاش تبقى علاقتك كلها رياكشنات. قول "وحشتني"، قول "محتاجك"، قول "أنا جنبك".
* **اقفل الموبايل وافتح قلبك:** ساعات، ده هو اللي محتاجينه فعلًا.
---
### ختامًا... تِفتكر إيه اللي بيفرق؟
إحنا في زمن "التواصل السريع"، بس محتاجين نرجع لفكرة "التواصل العميق".
خلّي التكنولوجيا وسيلة توصّلك للناس، مش وسيلة تهرب بيها منهم.
ما تستبدلش حضن بكلمة، ولا مكالمة بنقطة، ولا علاقة حقيقية بلستة متابعين.
لأن في الآخر، اللي بيقربك من الناس مش عدد "الظهور أونلاين"، لكن كمية "الاهتمام الحقيقي".
وإياك تنسى:
**أقرب مسافة بين قلبين، عمرها ما كانت جيجابايت… كانت دايمًا كلمة صادقة، وموقف، وشعور بيوصل من غير شبكة.**